النشرات

القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل

القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل

 

إن أسلوب المشاركة في الدخل لا يعد حديث عهد في المملكة العربية السعودية ونشأ له في المملكة إرث جيد من الممارسة في المشاريع التقنية استناداً إلى قرار مجلس الوزراء (110) وتاريخ 05/04/1425هـ، ومن ذلك عدد من العقود بين الوزارات والشركات المملوكة لها. وانطلاقاً من صدور قواعد المشاركة في الدخل بقرار وزير المالية رقم (1877) وتاريخ 24 /12/ 1443هـ فإن هذه المقالة تأتي بتناول موجز عن أبرز المفاهيم والأحكام المتصلة بهذه القواعد وما تقدمه من فرص واعدة.

إن عقود المشاركة في الدخل من حيث الأساس الذي تقوم عليه – لا شك بجانب ما تحقق من فرص وخيارات – تطرح عدد من المفاهيم الجوهرية الناتجة عن الممارسة والتي تمثل عناصر مفصلية وفارقة في كفاءة تلك العقود، وبشكل خاص التي تكون الجهات العامة طرفاً فيها، ويمكن لنا إيجاز تلك المفاهيم الجوهرية بثلاثة مفاهيم بالغة الأهمية وهي كما يلي:

  • بناء العقد بالتزامات وحقوق متقابلة تعيّن وتُسمي محل/غرض العقد بشكل لا لبس ولا جهالة فيه، وتضع على الأطراف الالتزامات التي ينشأ عنها تحقيق الغرض من هذا التعاقد.
  • معالجة المخاطر الرئيسية التي تتصل عادةً بهذا النوع من العقود، ولعل أبرزها حماية البيانات وآلية حفظها التي تنشأ عن قيام الشريك الخاص بتقديم الخدمات العامة للمستفيدين نيابةً عن الجهة العامة، وكذلك وضع آلية محددة للرقابة والمراجعة من قبل الجهة العامة على تنفيذ الشريك الخاص للعقد، وتجهيز خطط استمرارية الأعمال والتصرف في أي حالة تعثر، وأخيراً وضع كيفية تسوية الخلافات المحتملة بين الطرفين بتصنيف تلك الخلافات، بحيث لا تستغرق الخلافات البسيطة والعامة نفس الإجراءات للخلافات الفنية المعقدة.
  • وضع آلية احتساب وتحصيل المقابل المالي الناشئ عن هذا العقد، بحيث تنطوي على بيان ما يتم تحصيله ومتى وكيفية تحصيله.

استكمالاً لاستهداف إنجاح هذا النوع من العقود ورفع كفاءته فقد وضعت القواعد الصادرة، معايير لاستخدام أسلوب المشاركة في الدخل، فقد حددته بمدة لا تتجاوز الخمس سنوات تفريقاً له عن التعاقدات الناشئة عن أسلوب الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وكذلك أن تكون مشاركة الجهة العامة مرنة ومطلقة من ناحية الأصول والتصرفات سواءً أكانت مادية أو معنوية وسواء كان التصرف انتفاع أو تأجير أو ترخيص بحسب الأنظمة المرعية. بالإضافة لذلك معيار أن لا يكون مصدر الدخل من الجهة العامة، وأن لا تقدم الجهة العامة ضمانات أو دعم ائتماني للشريك الخاص.

أيضاً فقد تضمنت القواعد تناول لرحلة التعاقد وفق أسلوب المشاركة في الدخل، ابتداءً بإعداد دراسة جدوى متضمنة عدد من المتطلبات، مروراً بالحصول على موافقة رئيس الجهة العامة ثم وزارة المالية وانتهاءً بطرحها وفق إجراءات نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، أخذاً في الاعتبار إضافة مرحلة مفاوضات بشأن معادلة المشاركة في الدخل قبل الترسية على الفائز، وختاماً بتوقيع اتفاقية مستوى خدمة (SLA) بعد الترسية وإبرام العقد مع الفائز.

بذلك فإن هذه القواعد وضعت ما هو رئيس وجوهري وخاص بأسلوب المشاركة في الدخل تاركةً التفاصيل الدقيقة لما ورد في نظام المنافسات والمشتريات الحكومة من إجراءات، وما ستحدثه التجربة من نضج في الموضوعات.

رحلة المشاركة في الدخل

هيكلة التعاقد

في أسلوب المشاركة في الدخل، الأساس هو إنشاء التزامات واضحة وقابلة للقياس بين الأطراف المتعاقدة. يتطلب الأمر صياغة عقود تعكس بوضوح ما يقدمه كل طرف وما يتوقع الحصول عليه في المقابل، وذلك لضمان التوازن والعدالة في توزيع المنافع والمخاطر.

مفاهيم جوهرية

أبرز المخاطر الرئيسية

المشاريع المشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص تتضمن مخاطر متعددة يجب التعامل معها بحكمة ودقة. يشمل ذلك مخاطر تبادل البيانات، ومتطلبات الشفافية، وإدارة المشروع، والتعامل مع الخلافات وتقلبات السوق. تصميم بنود العقد لمعالجة هذه المخاطر يزيد من كفاءة المشروع ويساهم في نجاحه على المدى الطويل.

إجراءات المراجعة والرقابة

ضرورة وجود نظام رقابي ومراجعة فعّال يضمن الالتزام بشروط العقد ويتابع تنفيذه بشكل دقيق. الإجراءات تشمل مؤشرات أداء واضحة، خطط استمرارية الأعمال، وترتيبات للتعامل مع حالات التعثر أو الأزمات، لضمان عدم تأثر الخدمات العامة ومصالح الطرف الثالث.

معادلة المشاركة في الدخل

هذه المعادلة تنظم كيفية احتساب المقابل المالي في العقد وتوزيع الدخل بين الأطراف. تعتمد الآلية على الأداء والنتائج، مما يعزز الكفاءة والفعالية. يجب أن تكون الآلية شفافة ومتفق عليها من جميع الأطراف لضمان العدالة وتحفيز الأداء.

حدود ومعايير المشاركة في الدخل

حدود مدة العقد

العقود في نموذج المشاركة في الدخل عادة ما تكون محددة بمدة لا تتجاوز خمس سنوات. ومع ذلك، يمكن زيادة هذه المدة اعتمادًا على طبيعة العقود ومتطلبات المشروع. هذه المرونة مهمة للتكيف مع مشاريع طويلة الأمد التي تتطلب استثمارات كبيرة وفترات تحصيل أطول.

تحديد مصدر الدخل

من الضروري تحديد مصادر الدخل الناتجة عن العقد بشكل واضح، مع التأكيد على أن هذه المصادر يجب ألا تكون مدفوعة بشكل رئيس من الدولة. هذا يضمن الشفافية والاعتمادية في تمويل المشاريع ويحد من التبعية المالية المباشرة على الحكومة.

الأنظمة واللوائح المعنية

إعداد وثائق المنافسة ودراسة الجدوى

الدراسات والوثائق اللازمة لطرح المنافسات يجب أن تشتمل على جميع المتطلبات القانونية والتقنية كما وردت في القواعد المحددة، لضمان أن جميع العروض المقدمة تلبي المعايير المطلوبة وتعكس الواقعية والفعالية المطلوبة لتنفيذ المشروع.

طرح المنافسة والتأهيل المسبق

المنافسات يجب أن تطرح من خلال بوابة اعتماد، وذلك باستخدام أساليب المنافسة التي تتضمن التأهيل المسبق للمتقدمين. هذا يساعد في تقييم العروض بشكل أكثر فعالية ويضمن اختيار العروض التي تلبي أعلى المعايير المهنية والفنية. يجب مراعاة أحكام نظام المنافسات والمشتريات الحكومية لضمان الشفافية والعدالة في العملية.

الموافقات والمفاوضات

موافقة وزارة المالية

الضوابط والشروط

قبل البدء بأي تعاقد تحت أسلوب المشاركة في الدخل، من الضروري الحصول على موافقة من وزارة المالية. هذه الموافقة مطلوبة بشكل خاص في الحالات التالية:

  • المقترحات المالية: العقود التي تتضمن مقترحاً نهائياً لمعادلة الدخل يتجاوز الحدود المالية المعتادة.
  • مدة العقد: العقود التي تزيد مدتها عن المدة القياسية المحددة بخمس سنوات.
  • الدخل المتوقع: أي عقود يتوقع أن ينتج عنها دخل يزيد عن خمسة ملايين ريال سعودي.

هذه الإجراءات تضمن التزام المشاريع بالمعايير المالية والتنظيمية للدولة، وتعمل على تحقيق الاستقرار والشفافية الاقتصادية.

المفاوضات وتقييم العروض

تشكيل لجنة المفاوضات

لضمان الفعالية والشفافية، يتم تشكيل لجنة خاصة لإجراء المفاوضات مع المتقدمين. اللجنة مسؤولة عن:

  • تقييم العروض: النظر في جميع العروض المقدمة وتقييمها بناءً على المعايير المحددة في الوثائق التنافسية.
  • المفاوضات: التفاوض مع المتقدمين لتحسين شروط العقود وضمان الحصول على أفضل الشروط الممكنة.

التعاقد والتأهيل اللاحق

إجراءات التعاقد

عند التوصل إلى اتفاق، يتم توثيق العقد وفقًا للمتطلبات الواردة في المادة (10) من القواعد المنظمة للمشاركة في الدخل، مع الأخذ بعين الاعتبار أحكام نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، خاصة إذا لم يكن التأهيل المسبق قد تم تطبيقه.

التأهيل اللاحق

في حالات عدم تطبيق التأهيل المسبق، يتم تطبيق إجراءات التأهيل اللاحق لضمان استمرارية الكفاءة والفعالية في تنفيذ العقد. هذه الإجراءات تضمن أن المتعاقدين يحافظون على الأداء العالي والالتزام بشروط العقد طوال مدته.