النشرات

ما بعد جائحة كورونا – أبعاد قانونية هامة

ما-بعد-جائحة-كورونا-أبعاد-قانونية-هامة

 

‎‎‎‎‎‎

مقدمة

أطلقت منظمة الصحة العالمية على وباء كورونا كوفيد – 19 مسمى “الجائحة”. ولغةً الجائحة وصفٌ لفعل الاجتياح والذي يعني استئصال الأموال، وهذا المسمى اللغوي الدقيق ينطبق على ردة الفعل والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في مواجهة هذه الجائحة، سعياً لحصارها وانحسارها وتقليل ما قد تستأصله من أموالٍ وأنفس. ولا شكّ أن الإجراءات الاحترازية ابتداءً من قرار تقليص الحضور لمقرات العمل وإيقاف حركة الطيران الدولي والداخلي وانتهاءً بحظر التجول لمدة 24 ساعة، أحدثت أزمة ندركُ جميعاً بالرغم منها الأهمية والأولوية لاتخاذ هذه الإجراءات في دفع الضرر الأكبر وتغليب المصلحة العامة.

إن خروج المنشآت في القطاع الخاص من هذه الأزمة بآثار وتأثّر أياً كان حجمه وشكله، هو نتيجة وضع طبيعي تفرضه طبيعة الجائحة والظروف التي تحيط بها وتُشكّل بها التاريخ البشري. من هنا تأتي هذه النشرة لبيان أهمية الالتفات – بعد زوال الأزمة برفع الإجراءات الاحترازية والتصحيحية والإصلاحية – إلى الفحص القانوني بغرض المعالجة القانونية للتأثر والآثار التي طالت المنشآت في أبعادٍ أربعة هي: 1) العلاقة بين الملّاك وبين مجلس الإدارة، 2) العلاقات العمالية (داخل المنشأة)، 3) العلاقات مع الغير سواءً مع جهات عامة أو خاصة (خارج المنشأة)، 4) المركز المالي والنظامي للمنشأة.

ونوضّح في هذه النشرة مكونات كل بعد وآلية وأهمية فحصها ومعالجتها من الناحية القانونية في طريق المنشأة لتحقيق تعافٍ ماليّ مستقرّ – إن شاء الله -.

البعد الأول – العلاقة بين الملّاك وبين مجلس الإدارة

المكونات – الماهيّة

اجتماعات الشركاء – اجتماعات مجلس الإدارة – اجتماعات الجمعيات العامة – محاضر اجتماعات الشركاء – محاضر اجتماعات مجلس الإدارة – محاضر اجتماعات الجمعيات العامة – قرارات الشركاء – قرارات مجلس الإدارة – قرارات الجمعيات العامة

الآلية – قائمة تحقّق

إن تعرّض المنشأة لأزمة قد يبث قلقاً لدى الملاك وأعضاء مجلس الإدارة يُعيق اتخاذ القرارات أو قد يجعل هذه القرارات صادرة على نحوٍ متسرّع يتجاوز الإجراءات القانونية. فعلى الرغم من كون عالم التجارة والأعمال سريعٌ بطبيعته ويستلزم ذات السرعة لإصدار القرار وتنفيذه، إلا أن طريقة الإصدار ومحتوى القرار وصياغته وآلية تطبيقه إذا لم تُراعي هذه التقاطعات والإشكالات والإجراءات القانونية التي تنشأ عنها، قد تُؤثر في استدامتها وقد ينتهي الأمر إلى إبطالها وقيام دعاوى المسؤولية الناتجة عنها وذلك دون شكّ مُعيق لرحلة المنشأة في تحقيق التعافي المالي.

  • هل تمت الدعوة إلى الاجتماع وفق الطرق القانونية الصحيحة؟
  • هل نصاب الاجتماع صحيح وفق عقد تأسيس المنشأة أو نظامها الأساس؟
  • كيف تم إصدار القرار ؟ (بالإجماع – الأغلبية – النصف – أقل من النصف)
  • هل تتوافق طريق إصدار القرار مع نظام الشركات وعقد تأسيس المنشأة أو نظامها الأساس؟
  • هل مضمون القرار أو موضوعه مما يجوز إصداره بالكيفية الواردة في الجواب عن 3أعلاه، وفق نظام الشركات وعقد تأسيس المنشأة أو نظامها الأساس؟
  • من أصدر القرار (الحاضر بصفة أصليه أو ممثل عن العضو أو الشريك) ؟
  • هل تمثيل عضو مجلس الإدارة أو الشريك صحيح قانوناً؟
  • هل قبول حضور الممثل النظامي وتصويته على القرار صحيح وفق عقد تأسيس المنشأة أو نظامها الأساس؟
  • هل تم توثيق القرار (في حالة قرارا شركاء أو قرار من الجمعية العامة غير العادية بتعديل عقد التأسيس) وفق الآلية بنظام الشركات ؟
  • هل تم نشر القرار (في حالة قرارا شركاء أو قرار من الجمعية العامة غير العادية بتعديل عقد التأسيس) وفق الآلية بنظام الشركات ؟
  • هل تم نشر القرار (في حالة قرارا شركاء أو قرار من الجمعية العامة غير العادية) في المدد المحددة في نظام الشركات أو قبل العمل به؟
  • هل يؤثر هذا القرار على دائني المنشأة؟
  • هل تم اتباع الإجراءات في نظام الشركات في قرار تخفيض رأس مال المنشأة؟
  • هل تم الالتزام بجميع ما سبق أعلاه بالقيود الواردة من الجهات المشرفة على الشركات؟

(جميع الشركات والمؤسسات التجارية: وزارة التجارة – شركات المساهمة المدرجة في السوق المالية: هيئة السوق المالية – شركات التمويل والتأمين والبنوك: مؤسسة النقد العربي السعودي – المنشآت المهنية : حسب المهنة – المنشآت الأجنبية: وزارة الاستثمار)

  • هل تتوافر المستندات الثبوتية التي بُني عليها القرار (قوائم مالية – مستندات محاسبية وغيرها) أو التي تعكس تنفيذ القرار أو تطبيقه؟
  • هل هناك فصلٌ واضح وعدم تداخل وتنظيم بين دور الشريك والمدير أو عضو مجلس الإدارة في المنشأة يتوافق مع نظام الشركات والأنظمة الأخرى ذات العلاقة مثل (أنظمة هيئة السوق المالية، وأنظمة مؤسسة النقد العربي السعودي)؟
  • هل هناك لائحة حوكمة تتوافق مع نظام الشركات والأنظمة الأخرى ذات العلاقة مثل (أنظمة هيئة السوق المالية، وأنظمة مؤسسة النقد العربي السعودي) لشركات المساهمة؟

الأهمية – سابقة قضائية مُشابهة

صدر الحكم في القضية رقم 5305/3/ق لعام 1433هـ بما نصه:

“وحيث إن الدائرة وباطلاعها على أوراق القضية، والمستندات المثبتة بطيها، تستخلص مِ النتيجة السائغة من واقع الترافع بما أثاره طرفا النزاع في حيثيات الموضوع، ولا الدائرة إلى ما استطرد به طرفا القضية خارج نطاق الخصومة، وإنما سلطت النظر فيما له أثر جوهري على مسار الخصومة، وبما انعقدت عليه الإرادات وفق إمضائهم على عقد تأسيس المنشأة المؤرخ في 17/3/1417هـ والموافق 1/8/1996م، وما انبنت عليه من ملاحق، وفق قرار الشركاء المؤرخ في 20/6/1419هـ والموافق 10/10/1998م،  وحيث إن البين بعد الاطلاع على عقد التأسيس، فيما نصت عليه المادة (13) ورسمها “قرارات الشركاء” بأن القرارات تصدر في حالات ثلاث؛ الإجماع أو بأغلبية تمثل ثالثة أرباع رأس المال، أو موافقة من يمثلون نصف رأس المال، وحيث إن البين من القرار محل طلب البطلان، أنَّه لم يكتمل بشأنه النصاب القانوني في عدد حضور الشركاء بمن يمثلون كامل الحصص أو بمن يبلغون النصف منها، فإن هذا الأمر من شأنه أن يعتور القرار بالعيب والإلغاء، حَيْثُ تمشت معها في ذلك المادة (171) وعجز المادة (172) من نظام الشركات، حيث إن المادة الأخيرة قد احتكمت في عجزها على ما نص َّ عليه عقد المنشأة، وقد رسمت بإحالة ذلك إلى ما نص َعليه عقد الشراكة، وقد أبانت الدائرة وأفصحت وجاهة طلب المدعين بطلان قرارات جمعية الشركاء؛ لعدم اكتمال النصاب القانوني في عدد الحاضرين والممثلين للشركاء، ذلك أنَّه من شأنه أن لا تكون القرارات صحيحة، ويشوبها البطلان، ومِنْ ثَمَّ تنتهي معه الدائرة إلى إبطال قرار جمعية الشركاء، والدائرة وهي في مقام النظر لم تخض فيما أثاره الأطراف عمَّا تضمنته القرارات من تفصيلات؛ لتهاوي ركن نصاب الحضور، ذلك أن العربة في سلامة القرار صدوره مكتملاً الأركان، بتوفر النصاب القانوني للقرارات المتوائمة مع النصاب المقرر لها، ممِا يتعين بطلان القرار مثار النزاع. لذلك حكمت الدائرة: ببطلان قرارات جمعية الشركاء في شركة (…) المنعقدة بتاريخ 20/8/1432هـ الموافق 21/7/2011م. والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. “

إن أهمية هذا البعد تتجلّى في تحقيق استدامة لنشاط المنشأة، حيث القرارات تصدر متوافقة مع الأنظمة ذات العلاقة وبما يحفظ حقوق الشركاء أو الملاك ويحفظ وجود علاقة صحية نظامية بينهم. وهذا في مجموعه ينعكس على أداء المنشأة وعلى قدرتها على التطوير والإبداع والاستمرار. البعد الثاني – العلاقات العمالية (داخل المنشأة)

المكونات – الماهيّة

لائحة تنظيم العمل – عقود العمل – القضايا العمالية – محتويات ملفات العمال لدى إدارة الموارد البشرية – جنسية العمال – ملف المنشأة لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية – ملف المنشأة لدى التأمينات الاجتماعية – بيانات المنشأة المتعلقة بالنفقات على العمال – القوائم المالية للشركة – المركز المالي للشركة – المادة المضافة رقم (41) في اللائحة التنفيذية لنظام العمل والمذكرة التفسيرية لها

الآلية – قائمة تحقّق 

إن العلاقات العمالية أكثر ما أثار الجدل وتوجهت نحوه الأنظار منذ بداية الأزمة، واتجهت إثره المنشآت صوب المبادرات الحكومية التي تخفف آثار استمرار هذه العلاقات. ومن ثمّ فإن مرحلة الفحص القانوني ومن ثم المعالجة لهذا البعد تنطوي على تأهيل المنشأة لتكون مستعدة قانونياً لأي ظروف مماثلة قد تحدث غير بعيدة عن هذه الأزمة. بعبارة أخرى فقد كشفت الأزمة في عقود العمل ولوائح تنظيم العمل الداخلية عن نقصٍ حادّ في بنود إدارة الأزمات والتعامل معها داخل المنشأة. فمن جهة لا يجوز الاتفاق مع العامل على مخالفة نظام العمل، أي أن موافقة العامل لا تجعل التصرف صحيح إذا كان يُخالف نظام العمل. ومن جهة أخرى تُضيف العلاقات العمالية التي لا يتم معالجتها وفق نظام العمل أعباءً مالية على المنشأة متمثلة بالتعويضات.

  • هل لدى المنشأة لائحة تنظيم عمل معتمدة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وفق ما نصت عليه المادة الثالثة عشر من نظام العمل؟
  • هل تتوافق لائحة تنظيم العمل مع نظام العمل المعدل بالمرسوم الملكي رقم (م/46) وتاريخ 05/06/1436هـ؟
  • هل تتوافق لائحة تنظيم العمل مع عقد العمل المبرم مع العامل؟
  • هل اتخذت المنشأة أي إجراء عقابي بحق عامل أو أكثر؟ (خصم من الراتب – إنذار – فصل – إيقاف عن العمل – حرمان من العلاوة أو الترقية)
  • هل تم اتباع الإجراءات المنصوص عليها في نظام العمل عند اتخاذ الإجراء العقابي؟
  • هل تم إنهاء عقد عامل أو أكثر وفق المدد والإجراءات والأسباب الواردة في نظام العمل؟
  • هل تمت مراعاة قرار وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية رقم (50945) وتاريخ 01/05/1438هـ بشأن حظر الفصل الجماعي للسعوديين ؟
  • هل تم الاطلاع والاستفادة من المبادرات الصادرة عن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية؟
  • هل تم استخدام الخيارات النظامية الواردة في المادة رقم (41) من اللائحة التنفيذية لنظام العمل والصادر بها مذكرة تفسيرية من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية؟
  • هل تتوافر المستندات الثبوتية التي تعكس الأسباب الواقعية والمشروعة التي تم بناء عليها إنهاء عقد عامل؟

هل تعكس القوائم المالية للشركة الاستفادة من المبادرات الصادرة عن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وأثرها على المنشأة؟

هل تتوقع المنشأة إقامة قضايا عمالية ضدها بسبب بعض الإجراءات أو الإنهاء؟ هل تمت دراسة تكلفة هذه القضايا من حيث مبلغ التعويض المدفوع؟ نسبة النجاح؟

الأهمية – سابقة قضائية مُشابهة

جاء في القرار الصادر عن هيئات تسوية الخلافات العمالية رقم 1456/1/431 وتاريخ 19/08/1431هـ المبدأ التالي: “يجب الالتزام بالأحكام والقواعد المنظمة لشؤون العمال التي وردت في لائحة تنظيم العمل ، الخاصة بصاحب العمل والمعتمدة من وزارة العمل.”

كما جاء في القرار الصادر عن هيئات تسوية الخلافات العمالية رقم 661/2/432 وتاريخ 04/07/1432هـ المبدأ التالي: “فصل العامل بسبب تدهور الوضع المالي لصاحب العمل مع عدم إثبات ذلك يجعل الفصل غير مشروع.”

إن أهمية هذا البعد في كونه استثمار حقيقي للمنشأة في مورد بشريّ، ولهذا الاستثمار منعكساته على بيئة عمل المنشأة وحرفية الأداء ومساحة الإبداع بها، كما ينعكس على الاقتصاد الوطني ككلّ. وبدون الالتفات له أو الاستثمار فيه تُصبح التكاليف على المنشأة مُرهقة وتتراكم أو تزداد على المدى البعيد.

البعد الثالث – العلاقات مع الغير (خارج المنشأة)

المكونات – الماهية

عقود المنشأة مع الموردين – عقود المنشأة مع الجهات الحكومية – عقود المنشاة مع المؤجرين – عقود المنشأة مع الجهات البنكية أو التمويلية – عقود المنشأة مع القطاع الاستشاري أو الخدمي (المحاماة / المحاسبة / التسويق / غيره) – ملفات المنشأة لدى الجهات الحكومية (الهيئة العامة للزكاة والدخل /وزارة التجارة /وزارة الشؤون البلدية والقروية /إدارة الجوازات/غيرها) – عقود المنشأة مع العملاء أو الغير بشكلٍ عام

الآلية – قائمة تحقق

تتنوّع العلاقات مع الغير التي تُبرمها المنشأة، فمن ناحية تُمارس المنشأة نشاطها بعد الحصول على عدة تراخيص وفتح عدة ملفات لدى عدة جهات عامة حكومية بما يستدعي التوفيق بينها من حيث الالتزام واتباع الاشتراطات والإجراءات، ومن ناحية أخرى تُبرم المنشأة العديد من العقود مع الجهات الخاصة والأفراد أثناء ممارسة هذا النشاط، وهذا التنوع والتعدد في العلاقات تنبثق عنه جملة من الأمور والعلاقات والالتزامات.

  • هل لدى المنشأة قوائم واضحة بالعقود المبرمة المتأثرة بالأزمة (موردين/إيجار/استشارية أو خدمية/قروض/تمويل/تسهيلات/مع جهة حكومية)؟
  • هل لدى المنشأة بيانات (مالية أو محاسبية) ومستندات تُوضح كيف تأثرت بسبب العقود المذكورة أعلاه خلال الأزمة؟
  • هل تتضمن هذه العقود بنود خاصة بالحالة الطارئة أو القوة القاهرة أو تعذّر تنفيذ الالتزامات؟ هل تم تطبيقها أو الاستفادة منها؟
  • هل تتضمن الأنظمة ذات العلاقة بنوع العقد مواد خاصة بالحالة الطارئة أو القوة القاهرة أو تعذّر تنفيذ الالتزامات؟ هل تم تطبيقها أو الاستفادة منها؟ (مثل نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، نظام الإيجار التمويلي، لائحة حصر الكوارث والحالات الطارئة، نظام المحكمة التجارية وغيرها)
  • هل تتضمن هذه العقود شرط جزائي أو بنود خاصة بحالات الإنهاء التي يترتب عليها تعويض؟
  • هل بدأت المنشأة بالتفاوض أو المناقشة مع الطرف الآخر في العقود المذكورة أعلاه بشأن الخيارات التي من الممكن تطبيقها لتقليص أثر الأزمة أو معالجته؟
  • هل توجد دعاوى مقامة على المنشأة بسبب أي من العقود المذكورة أعلاه؟ وكيف تنوي المنشأة المضي بها؟

هل تم الاطلاع والاستفادة من المبادرات (سواءً كانت مبادرات قبل الأزمة أو بسببها)  الصادرة عن الجهات الحكومية؟

  • هل تعكس القوائم المالية للشركة الاستفادة من المبادرات الصادرة عن الجهات الحكومية وأثرها على المنشأة؟

كيف تُقيّم المنشأة علاقتها بالجهات الحكومية من حيث الالتزام بالأنظمة؟ وهل خططت المنشأة لمعالجة ذلك؟

الأهمية – سابقة قضائية مُشابهة

صدر الحكم التجاري في القضية رقم 29/3/ق لعام 1421هـ على أنه: ” إن توقف المدعى عليها عن تزويد المدعية إخلالاً بالعقد المبرم بينهما؛ لأن هذا التوقف خارج عن إرادة المدعى عليها، ويدخل في مفهوم الظروف الطارئة، وهو مجرد أمر احترازي قُصد منه تحسين نوعية المنتج، وتحقيق ما يخدم المصلحة العامة، ولم يكن لها خيار إلا إيقاف هذا المنتج كإجراء لازم بمنع إنتاج مخالف للمواصفات وخطير على أرواح الناس. أما المدعية، فإنها تهدف من تزويد المدعى عليها لها بكميات الحديد، بغية تحقيق ربح مادي أكثر، دون النظر إلى ما تقتضيه المصلحة العامة، الذي هو مُناط بالجهة الرسمية وهي وزارة التجارة والتي لها سلطات واسعة في تنظيم أمور التجارة وتفويض ما تراه لازماً لذلك، ثم إن استئناف المدعى عليها بتزويد المدعية بكميات لفات أسلاك الحديد بعد زوال العارض الذي هو خارج عن إرادتها دليل أكيد على التزام المدعى عليها بتنفيذ العقد المبرم بينهما، ومن ثمّ فلا يمكن والحالة هذه أن ينسب للمدعى عليها تقصير طالما أن ذلك خارج عن إرادتها، وكل ما في ذلك أنها طبقت ما ارتأته الجهة المعنية، والتي تهدف إلى الصالح العام، بل إن مسلك المدعى عليها بما يتلاءم مع ما تهدف إليه قواعد الشرع الحنيف، وتحقيق مقاصده، إعمالاً للقواعد الأصولية (الضرر العام يدفع بالضرر الخاص) وكذلك (لا ضرر ولا ضرار)، (والضرر يزال بقدر الإمكان) ومما سبق فإن الدائرة ننتهي إلى رفض مطالبتي المدعية عن الأضرار التي تدعيها جراء توقف المدعى عليها عن تزويدها بكميات لفات أسلاك الحديد نتيجة العقد المبرم بينهما.”

إن أهمية هذا البعد تعني اللجوء إلى الاستثمار في العلاقة مع الآخر من خارج المنشأة وتفعيل الوسائل البديلة لمعالجة الخلاف أو السوء الفهم بين الطرفين من حيث كونها فعالة وأقل تكلفة، وقد شجّعت الأنظمة السعودية الصادرة حديثاً اللجوء إلى الوسائل البديلة وطرح خيارات منها المصالحة والوساطة والتحكيم بغرض التخفيف على المحاكم التجارية، إضافةً لكون اللجوء إلى المحكمة التجارية يُفترض به خياراً نهائياً وحلاً أخيراً للمنشأة لما يترتب عليه من تكلفة أكثر من غيره من الوسائل وعلى عدة مستويات مالية وزمنية وعلى مستوى العلاقات التجارية.

البعد الرابع – المركز المالي للمنشأة

المكونات – الماهيّة

القوائم المالية للمنشأة – التقارير المحاسبية – قرارات الشركاء – قرارات مجلس الإدارة – أداء مجلس الإدارة

الآلية – رسم توضيحي مُوجز

إن المركز المالي للمنشأة يمثل في حقيقته سمعةً مالية، وهي رغم اعتمادها على أرقامٍ واقعية إلا أنها تُمثّل أيضاً عملة معنوية تُساعد المنشأة في استدعاء الفرص والفوز بها. وحدوث الارتباك المالي أو التعثّر أو الخسارة التي تنعكس على هذه السمعة هو أمر مألوف في دورة حياة المنشآت، وقد عالج نظام الشركات ونظام الإفلاس ولائحته التنفيذية ذلك بطرح إمكانية إعادة هيكلة المنشأة باعتبار ذلك خياراً لا يُخرجها من منظومة الاقتصاد الوطني بل يُساعد على استمرارها في مزاولة نشاطها وتحقيق التعافيّ المالي.

*ملاحظة:

  • عدم اتباع الإجراء الوجوبي يجعل المنشأة عرضة للانقضاء بقوة النظام وهذا يعني إمكانية تقدم أحد أو مجموعة من دائني المنشأة لدى المحكمة التجارية بطلب تصفية المنشأة وفق نظام الإفلاس، لأن إثبات تجاوز ديون المنشأة لأكثر من 50% من رأس مالها مع إثبات عدم اتخاذ قرار من الشركاء بالاستمرار أو حل المنشأة وتصفيتها خلال تسعين يوماً من العلم بحدوث هذه الخسارة، من شأنه تعزيز موقف الدائنين بطلب التصفية إضافة لاحتمالية قيام مسؤولية الشركاء أو المدراء.
  • عدم اتباع الإجراءات الوجوبية الواردة في النظام قد يؤدي إلى قيام مسؤولية الشركاء أو المدراء بالتضامن ومن أموالهم الشخصية.
  • يجب أن يصدر في جميع ما سبق في الآلية قرار شركاء وفق نظام الشركات وعقد التأسيس أو النظام الأساس للشركة.
  • يجب على مدير المنشأة تسجيل واقعة الخسارة في السجل التجاري لدى وزارة التجارة.
  • نص نظام الإفلاس على خيارين لا يخرجان المنشاة من منظومة الاقتصاد الوطني بل تُبقيها لممارسة نشاطها وتحثها على سداد الديون والعودة لمستوى الأرباح وهي: خيار التسوية الواقية من الإفلاس، وخيار إعادة التنظيم المالي.

الأهمية – سابقة قضائية مُشابهة

أصدرت المحكمة التجارية الحكم في القضية رقم (751) لعام 1440هـ: “الدائرة تقضي على ضوء ما لديها من مستندات وبينات قدمها المدعي. وبما أنه سبق صدور حكم الدائرة القاضي بإلزام شركة (…) للإنشاء والتعمير المحدودة بأن تدفع للمدعي مبلغا قدره (123,268,68) مائة وثلاثة وعشرون ألفاً ومئتان وثمانية وستون ريالاً وخمسون هللة, وحيث تعذر تنفيذ الحكم الصادر من الدائرة لعدم وجود أموال وأصول للمدعى عليها وفقاً لإفادة فضيلة قاضي الدائرة الأولى بمحكمة التنفيذ بمكة المكرمة الوارد فيه ما نصه: )نفيد فضيلتكم أنه لم يعثر على أصول لشركة (…)  للإنشاء والتعمير … ومجموع المطالبات المالية على المنشأة مبلغ قدره (525,784) خمسمائة وخمسة وعشرون ألفاً وسبعمائة وأربعة وثمانون ريالاً والمبالغ المتوفرة في حساباتها البنكية (11,575) أحد عشر ألفاً وخمسمائة وخمسة وسبعون ريالاً(.  وبما أن نظام الشركات حدد صلاحيات ومسؤوليات مدير المنشأة ذات المسؤولية المحدودة, ومن ذلك المادة (2/165) التي تنص على أنه: (يكون المديرون مسؤولين – بالتضامن – عن تعويض الضرر الذي يصيب المنشأة أو الشركاء أو الغير بسبب مخالفتهم أحكام هذا النظام أو أحكام عقد تأسيس المنشأة أو بسبب ما يصدر منهم من أخطاء في أداء عملهم, وكل شرط يقضي بغير يعد كأن لم يكن) كما نصت المادة (1/181) على أنه: (إذا بلغت خسائر المنشأة ذات المسؤولية المحدودة نصف رأس مالها, وجب على المديرين تسجيل هذه الواقعة في السجل التجاري ودعوة الشركاء للاجتماع خلال مدة لا تزيد على تسعين يوماً  من تاريخ علمهم ببلوغ الخسارة هذا المقدار؛ للنظر في استمرار المنشأة أو حلها). وبما أن رأس مال شركة (…) للإنشاء والتعمير المحدودة (100,000) مائة ألف ريال، وفقاً لسجلها التجاري، وبما أن ديون المنشأة التي صدرت بها قرارات تنفيذية تجاوزت (500,000 (خمسمائة ألف ريال، وفقاً لإفادة محكمة التنفيذ، أي أن ديون المنشأة تجاوزت رأس مالها بخمسة أضعاف، وحيث  لم تتخذ المدعى عليها الإجراءات النظامية اللازمة لاستمرار المنشأة أو حلها, لذا فإن الدائرة تقضي بإثبات مسؤولية مدير المدعى عليها (…) عن دين المدعي الذي ثبت ضد شركة (…) التي يتولى إدارتها وفقاً للسجل التجاري. أما الشركاء المدعى عليهم ولأن المنشأة ذات مسؤولية محدودة وقد نصت المادة (151) من نظام الشركات على أن: (تعد ذمتها –أي المنشأة ذات المسؤولية المحدودة- مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها. وتكون المنشأة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها، ولا يكون المالك لها أو الشريك فيها مسؤولاً عن تلك الديون والالتزامات). لذا فإن الدائرة تقضي بعدم صفة الشركاء المدعى عليهم عن ديون المنشأة. لذلك حكمت الدائرة أولا: بإلزام المدعى عليه (…) سجل مدني رقم (…) أن يدفع للمدعي (…) سجل مدني رقم (…) مبلغاً قدره (123268) مائة وثلاثة وعشرون ألفا ومائتان وثمانية وستون ريالاً) “

*ملاحظة: إن مدير المنشأة في القضية أعلاه إذا أثبت قيامه بالإجراءات المنصوص عليها في النظام (تسجيل واقعة الخسارة في السجل التجاري لدى وزارة التجارة + دعوة الشركاء للاجتماع) تنتفي عنه المسؤولية وتصبح باتجاه الشركاء إذا لم يتبعوا الإجراءات الوجوبية المنصوص عليها في نظام الشركات.

إن أهمية هذا البعد تتمثل في أن تجعل المنشأة اتباع الإجراءات النظامية نهجاً مستمراً لها حتى حين التعرض إلى أزمة مالية، إذ يؤثر ذلك في قدرتها على الخروج من الأزمة والانتفاع وتحقيق الاستفادة القصوى من الخيارات التي يُتيحها النظام، إضافة لكون ذلك رصيد معنوي يُصاف إلى مركز وسمعة المنشأة.